يوم الأسير الفلسطيني مناسبة وطنية وعالمية

من رحم المعاناة ولدت قامات الشهامة التي لا تقبل العيش في ظل القهر والاستعباد؛ إنهم الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال؛ تمردوا على الظلم واستعصوا على الانحناء. تعجز الكلمات عن وصف معاناتهم وصمودهم. هم نبض البطولة وأنشودة النخوة.

في محاولة لتذكير شعوب العالم ودوله بمدى العذاب الذي يعانيه الأسرى والأسيرات الفلسطينيين جراء انتهاك الكيان الصهيوني لحقوق الإنسان، ومبادئ القانون الإنساني الدولي وقواعده، خاصة قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لعام 1955، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقواعد نيلسون مانديلا لحماية حقوق الأشخاص المحرومين من الحرية، والتي أوجبت على الدولة الحاجزة أن تتخذ التدابير والإجراءات التي من شأنها تمكينهم من الحقوق القانونية والصحية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها.

يحي الشعب الفلسطيني في السابع عشر من أبريل من كل عام “يوم الأسير الفلسطيني”. يوم لكل أحرار العالم، تعبيراً عن الاعتزاز الكبير بنضالات الحركة الأسيرة وتأكيداً على مكانتها المتميزة في صفوف هذا الشعب وحركته الوطنية، ووفاءً للتضحيات الجسام التي سطروها على امتداد عقود من الزمن في سياق صراعها ونضالها في مواجهة محاولات الاحتلال المتكررة للنيل من إرادتها الصلبة.

شكلت قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، فصلا مهما في كتاب القضية الفلسطينية وجزئا أصيلا من التاريخ الفلسطيني المقاوم التصقت بكفاح الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الاستعمار على مدار عشرات السنين من أجل استعادة حقوقه المسلوبة ونيل حريته المنشودة. وأضحت الاعتقالات جزءا أساسيا من منهجية الاحتلال في السيطرة على الشعب الفلسطيني، والوسيلة الأكثر قمعا وقهرا للمجتمع الفلسطيني. إلا أن تلك الاعتقالات، وعلى الرغم من مرارتها، وما تلحقه من ضرر بالأفراد والأسرة والمجتمع الفلسطيني، لم ولن توقف مسيرة الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل الحرية والاستقلال.

ومن الأهمية بمكان التأكيد أن المرأة الفلسطينية عانت كثيراً من عمليات الاعتقال والملاحقة. وفي هذا السياق تكتسب تجربة الحركة النسوية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي صفة مميزة وإن تداخلت إلى حد كبير في تجربتها مع تجربة الحركة الفلسطينية بشكل عام، فهي أكثر ألماً ومعاناة، وتحمل في خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني، حيث تشارك المرأة بدورها النضالي إلى جانب الرجل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

سجل تاريخ الحركة النسوية الأسيرة مواقف أسطورية، وشكلت كيانات مطلبية مناضلة متضامنة داخل السجون وقد خاضت الأسيرات معركة الحرية بعد اتفاق أوسلو تحت شعار (لا سلام دون إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات)، وشاركن في الخطوات النضالية إلى جانب بقية الأسرى في كافة السجون في سبيل تحقيق أهدافهن بالحرية والإفراج عن جميع الاسيرات.

تُشكل عمليات الاعتقال والاعتقال الإداري إحدى أبرز السياسات الثابتة التي ينفذها الاحتلال بشكلٍ يوميّ، إذ يبلغ اليوم عدد الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال 9500 أسير/ ة، دون الحديث عن كافة معتقلي غزة الذين يخضعون لجريمة الاختفاء القسري.

تم توثيق اعتقال أكثر من 16 ألف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وتصاعدت أعدادهن بعد السابع من أكتوبر، حيث يبلغ عددهن اليوم 80 أسيرة، وهذا المعطى لا يشمل كافة الأسيرات من غزة المحتجزات في المعسكرات.

كما تستهدف سلطات الاحتلال الأطفال بشكلٍ يومي، في محاولة لضرب مستقبلهم ومصيرهم، ولا تختلف أدواته العنيفة المُستخدمة بحقّ الأطفال في مستواها عن تلك المستخدمة بحقّ المعتقلين الكبار. ويبلغ عدد الأسرى الأطفال- الأشبال ممن تقل أعمارهم عن 18عاما” أكثر من 200 طفل، كما تؤكد المعلومات وجود أطفال من غزة في المعسكرات.

تدفع النساء ثمن الانتماء لفلسطين القضية والشعب من حريتهن ولحمهن ودمهن ما يفوق أي تصور وهي تواجه عدوان الاحتلال وسياساته العنصرية والفاشية على امتداد عمر هذا الاحتلال البغيض. يُشار إلى أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ماضية في انتهاك حقوق الأسرى والأسيرات والتضييق عليهم، حيث أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي “إيتمار بن غفير”، في شهر فبراير 2023، مجموعة من القرارات التي تهدف إلى حرمان الأسرى والأسيرات من أبسط حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي، وأهمها نقلهم تعسفيا بين السجون، وإنشاء قسم مخصص لعزل الأسيرات الفلسطينيات، وتحديد كمية المياه المسموح للمعتقل استخدامها يومياً، يضاف اليها سياسة التعذيب و العقاب الجماعي والاقتحامات والتفتيشات والحرمان من الطعام والفسحة وممارسة الأنشطة البدنية والتواصل مع العائلات وهيئات الدفاع.

بالإضافة الى أكثر من 3600 معتقلًا إداريا، غالبية المعتقلين الإداريين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، إضافة إلى فئات أخرى تشمل طلبة مدارس وجامعات، وصحفيين، وحقوقيين، ومحامين، ومهندسين، وأطباء، وأكاديميين، ونواب، ونشطاء، وعمال، وأقارب من الدرجة الأولى لشهداء وأسرى في سجون الاحتلال، منهم شقيقات شهداء وزوجات أسرى، والآلاف من الأسرى والأسيرات يمارس عليهم الجوع والقهر والحرمان من العلاج والدواء والفحوصات الطبية وتنفذ بحقهم جرائم طبيّة، وهو ما أدى إلى استشهاد الأسير القائد وليد دقة الذي أمضى 38 عاماً في الأسر. بالإضافة إلى 600 أسير يقضون أحكامًا بالسّجن المؤبد.

تتعرض الحركة الأسيرة منذ السابع من أكتوبر إلى هجمة غير مسبوقة لتحقيق ما عجزت حكومات الاحتلال المتعاقبة عن تحقيقه، تحت غطاء العدوان على قطاع غزة، حيث تم فرض العقوبات الجماعية عليها وعزلها عن العالم الخارجي، فحرمتها من زيارات الأهل ومنعت الصليب الأحمر من زيارات السجون، ونفذت جريمة الإخفاء القسري بحق أسرى قطاع غزة، وطبقت عليهم قانون المقاتل غير الشرعي. واستخدمت بحق الأسرى والأسيرات سلاح التجويع.

• من هنا نطالب تحقيق أوسع التفاف حول الأسرى والأسيرات القابعين في سجون الاحتلال الصهيوني، وتعزيز كل أشكال الاسناد والدعم لهم في مواجهة السجن والسجان، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته والتدخل العاجل لإنقاذ حياتهم في ضوء حملة التنكيل والتعذيب والاهمال الطبي التي يتعرضون لها.

• نعلن تضامننا اللامشروط مع الحركة الأسيرة ومع عائلاتهم، ونطالب بالإفراج الفوري عن جميع الأسرى والأسيرات، دون قيد أو شرط، ونؤكد التزامنا الدائم بالعمل على فضح الممارسات الصهيونية بحقهم في كل المحافل الدولية والإقليمية.

• نهيب بكل مناضلي ومناضلات الحرية في العالم لتوحيد الجهود وتطوير أشكال الإسناد للقضية الفلسطينية بما فيها نضال الحركة الأسيرة، وتنشيط كل أشكال مقاطعة العدو الصهيوني ومناهضة التطبيع التي تقوده أنظمة العمالة في منطقتنا.

• نطالب بالوقف الفوري للعدوان على غزة والضفة، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية لغزة دون قيد أو شرط

• ضمان العودة الآمنة لكل النازحين في قطاع غزة وضمان إعادة إعمار منازلهم وكل مؤسسات التعليم والصحة وغيرها.


المجد والخلود للشهداء
والحرية للأسرى والأسيرات.


الفريق النسوي, 17 أبريل/ نيسان 2024.